الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008






بيروت .. قصة الجمال كاملة












أنور عوض : بيروت

اذ ماعتبرنا ان القاعدة التي يطلقها علماء الاجتماع ( الانطباع الاول هو الاخير ) فان اللبنانيون اعتمدو علي تجسيدها وبحرفية موصولة بسحر اللقاء الاول, فبالرغم من الكتابات اللامتناهية التي سطرها الشعراء والكتاب والصحفيون وغيرهم عن لبنان وعوالم بيروت وحكاياتها مما يشوق اليها كل من يقرأ الشعر او يشاهد الدراما او حتي مشاهدو نشرت الاخبار , غير ان هذا التشويق يصبح بلا قيمة ضمن حزمة من المشاعر والتلهف وان تبصر بيروت من علي الطائرة , وبلا وعي او بوجوده العميق غرقت في ابتسامة عريضة وزرقة البحر الابيض تملأ مدي بصري , فعندما كانت الطائرة عجلاتها تتهيأ لتقبيل الارض اللبنانية في مطار رفيق الحرير الدولي , وعلي يمين المدرج مباشرة يلتقيك ساحل البحر لا يفصله عن المدرج سوي امتار معدودات وسلك شائك , وعبر نافذة الطائرة في جهتها اليمني ابتسمت في وجه بيروت , المسألة قد يراها البعض عادية ولكن من يقرأ عميقا في الاشياء يدرك ان اختيار مدرجات مطار علي ساحل البحر يعبر عن فلسفة جمالية وسياحية وحرص مسبق علي ان تشدك بيروت قبل ان تطاها اقدامك , اذا انهم وبذكاء لم يراهنوا علي فخامة المطار وحسب بل توظيف جماليات الطبيعة , ومن المطار الي قلب المدينة تتجلي البنية التحتية ممثلة في طرق وجسور بكامل حداثتها وكأن الحرب لم تعرف طريقها الي ارصفة المدينة ذات يوم ,


برغم الرصاص والحواجز .. للحياة طعمها.. والاغاني

الرغبة في الحياة في بيروت تبدو اكبر من سحابة الخراب التي تركت اثارها علي المباني في العاصمة اللبنانية نتيجة ازمات متتالية منذ الحرب الاهلية قبل عشرات السنين مرورا بالحرب مع اسرائيل العام الماضي و انتهاءا بالاشتباكات المسلحة بين اطراف لبنانية خلال الاشهر الماضية ونهاية باشتباكات طرابلس الاخيرة ..الرصاص وزخاته رسمت اثارها علي بعض البنايات تزكر البيروتيين بالايام العصيبة وقد تركت بعضها علي حالها لم تمتد لها ايدي الترميم كماهو الحال في البنك اللبناني الكندي مثلا ولا ادري ماهو المغزي ؟ .. رسالة للمواطنين بسؤات الحرب والثمرات المرة للخراب ام ماذا ؟ غير ان الرسالة الثانية المتعلقة بمسيرة الحياة ترتفع بارتفاع مباني جديدة علي بعد امتار جوار الاولي وهنا كما يبدو تكمن ارادة اللبنانيون في الحياة .. هم خبروا الحرب وخرابها ولكن متمسكون بالسلم واغنياته ,
وتوفقت زيارتي مع حادثة اختطاف الصحفيين الامريكين ومع ان الحوواجز الامنية تتمدد هنا وهناك الا ان الحركة كات تسير عادية رغم الوجود الامني الكثيف , تعبر دون ان يوقفك احد او يسال عن هويتك , وكانهم يقولون ان الطمأنينة هنا اكبر من تداعيات الحوادث والاختطاف , مهما خطفوا فان الحياة الطبيعية باقية في بيروت .


لبنان واللبنانيون .. من يوحي للاخر

بقدر رقعة الخلاف بين التيارات اللبنانية الا ان الزائر لبيروت الاسابيع الماضية يشهد نغمة واحدة ورسالة واحدة تعلو البنايات والجسور والطرقات , فعقب الحملة التي نفذتها السلطات اللبنانية لازالة كل الملصقات ذات الارتباط بالازمات الماضية والتي كانت سببا بشكل او اخر في تأجيج الخلاافات الماضية , فكم من شعار مخطوط سال من مفعولة التعبوي دم
وبالرغم من ان ازالة التوتر بدأت بالشق السياسي وتوحيد الارادة الوطنية الا انهم لم يهملوا امر الملصقات والبوسترات المؤججه للخلاف اذ امتدت اليها ايادي البنانيون عقب الاتفاق لتزيلها عن شوارع بيروت , حيث انه لم يعد هناك سوي العلم اللبناني الذي يريفرف في كل مكان , علي المباني والجسور والطرقات , بل حتي عربات ( التليفرك ) الصغيرة تتزين اعاليها بالاعلام .. وجوارها عبارت قوية تدفع نحو لبنان , شعرات وعبارات تمجد رسالة ان لبنان للكل وان الكل للبنان فعلي احد الشوارع الرئيسية بمنطقة الحمرا يتكاثر وجود لافتة عملاقة بطول عشرات الامتار تقول (كلنا للوطن ) كتبت علي خلفية العلم اللبناني , وعلي ذكر اللافتات فان الابداع فيها يتجلي فنيا , تصيبك اللافتات بالدهشة لافكارها المبتكرة والموحية فعلي الطرقات لافتة لحسناء لبنانية ترقد اسفل سيارة لصيانتها , ولافتة اخري بعنوان ( لبنان كل القصة ) وتصيبك الدهشة قبل ان تصل للفحوي .

للتسوق فنون

اسواق بيروت متفاوتة فما بين مركز المدينة السابق في منطقة الحمرا وانتقاله الجديد الي سولدير تتمدد فنون التسويق , غير انني لم احدق كثيرا في دنيا التسوق المرتبطة بملامح الولمة علي عكس اهتمامي بالاسواق الشعبية هناك ومن بينها السوق الشعبي الكبير كم يسمونه , كيلومترات محدودة ممتدة بشكل طولي منظم توفر فيها كل ما يخطر علي بال الزائر , بجانب الملابس والعطور وغيرها تعرض المحال الشعبية الصغيرة ادوات الحفر واحدث الاجهزة الالكترونية بل والالات الموسيقي , وبذكر الاسواق فان الباعة هناك لا مشكلة للتعامل بينهم والمرتادين بكل عملات الدنيا ,

منطقة الحمرا .. سحر المكان وان تبدل الزمان

تاريخ واشعار كتبت عن منطقة الحمرا وشارع الحمرا في ايام مجده ومع ان مركز المدينة انتقل الي منطقة سولدير الا ان الشارع لم يفقد بعد مكانتة , اذ ان منطقة الحمرا بشوارعها الجميلة التي تطل عليها مباني اخذت من حضارات الدنيا المختلفة نصيبها , بيد ان الشوارع ورغم صخب الدراجات النارية التي تهدر في كل الشوارع الا ان منطقة الحمرا تتميز بهدؤ يتسق والوان ازياء المشاة ومرتادي المقاهي المطلة علي الارصفة , ولشد ما انتبهت ومعي بعض الاصدقاء الي محل للفلافل و ا والمعجنات حمل لافتة ( بربر ).

صخرة الروشة ..بين الحب والانتحار .. سحر لا ينتهي
من يزور لبنان لابد ان يقف عندها , ليس لجمال مشهدها علي خلفية مياه البحر الابيض المتوسط الزرقاء ولكن لان تفصيلات المشهد تفتح امامك سحر الطبيعة , نعم هما صخرتان ومياه ..لا اكثر ولكن العين التي تبصر تربط بينهما وبين الاسطورة , وتدفعك امواج فنون النحت الطبيعي نحو تشكيلات صخرية نادر ة تملا العين, هي صخرة صلدة وعالية يطلقون عليها سيما وسط الشباب صخرة الحب , ويشير بعض علماء الجيولوجيا بأن صخرة الروشة ظهرت بسبب عدة زلازل قوية ضربت بحر بيروت الغربي في القرن الثالث عشر، أدى هذا الزلزال إلى القضاء على العديد من الجزر المأهولة في ذلك الوقت وظهر في محلها صخور كثيرة منها صخرة الروشة ووتكون صخرة الروشة من كتلة صخرية كبيرة هائلة مجوفة في الوسط. تبلغ قمة الصخرة ما يقارب ال 70 مترًا ومتوسط ارتفاعها 25 مترًا وفي الأتجاه المقابل توجد صخرة مدببة مرتفعة متأثرة بعوامل التعرية , وبجانب الاسم الذي يطلق علي الصخرة ( صخرة الحب ) يميها البعض ب'صخرة الأنتحار' على الرغم من أن حالات الأنتحار نادرة كما تقول المعلومات المتاحة حول الصخرة .

ليست هناك تعليقات: