
قصة بحار سجنته امواج البحر في ساحله اربعين عاما
بورتسودان : أنور عوض
حزين عميق انتابني وان اتجول ذات مساء علي كونيش ساحل البحر الاحمر ببورتسودان ليس فقط بسبب شكوي المهتمين بالبيئة البحرية والهلع الذ ي اصابهم جرا ردم احكومة لشواطي البحر في اكثر من جهة بدعوة تجميل المدينة , ولكن اطنان الاسمنت اخفت من الوجود معلما حديثا اسمه معرض الحياة البحرية الذي يضم حيوانات ونياتات البحر الاحمر حية او محنطة بجانب الطيور وغيرها , اختفي مقر المعرض والتهمه غول التجميل , وعندما توقفت في مكانه القديم وبجواري صبي رث الثياب يتمدد علي الكورنيش تزكرت قصة نادرة لرجل ما , مثلي مثل كثيرون من رواد الشاطي لا يعلمون اين انتهي به المطاف فبرحيل (كشك ) المعرض رحل عم قدري من جوار البحر وربما ابله بدل المحبة جفا ,
اسمة قدري خير الله والده من ابناء جبال النوبة ومن منطقة تقلي علي وجه الدقة كان يعمل ضابطا , ولكن قدري حسب ماروي لي ذات مره ونحن قبالة البحر انه ولد بمدينة الاسكندرية وتركه والده هناك وعمره شهرين بعد نزاع بينه والهيئة المواني البحرية حيث يعمل , يقول قدري( نشات وامامي والدتي فحسب بجانب اخوتي البنات ثم التحقت بالمدرسية البحرية وبعده استخرجوا لي جواز بحري برتبة ( ولد سطح ) او مايعرف بصبي بحري , وكان ذلك في العام 1940 وصعدت الي مركب النيل المغادر الي نيويورك يقودة كابتن انجليزي ) اطياف من الذكريان كانت تلمع في عينية ( في تلك الرحلة اعجب الكابتن بعملي فقرر ترقيتي الي وظيفة ( ربع ضابط بحري ) وكانت القوارب وقتها قديمة وتعمل بالبخار)
وفي العام 1941 شهد عم قدري احتفالات نيويورك باعياد الميلاد وتعرض لاهانة من احد زملائه يعود للتاريخ ويحكي ( غضبت وغادرت السفينة وبقيت بنييويورك ثلاثة اعوام ووقتها طلبتني الحكومة المصرية لاداء الخدمة العسكرية فتوجهت الي واشنطن ووافقوا علي عملي بالسفارة المصرية الي حين سفري لمصر ) واتاحت الاقدار لعم قدري بعدها ان يجد فرصة للالتحاق بالعمل في السفن المغادرة الي بقاع الدنيا – اكمل البحار العجوز قائلا (
بعد ذلك ركبت سفينة يونانية يوغسلافية طفت بها دول العالم مثل امريكا , اليابان . الصين , اندونسيا , استراليا , نيوزيلندة , سنغافورة , لبنان , رومانيا , العراق , السعودية , تركيا.. باختصار انا قضيت اربعون عام من عمري في البحار والمحيطات ( البحر حياتي )
وعملت في سفن حملت اعلام عديدة بدأ من العلم الكوبي ومرورا بالعلم الاسباني وغيره )
- واتكأ يومها عم قدري علي كتلة خشبية امامه وحدق في البحر طويلا وقال بصوت ياتي من اعماق بعيدة ( طفت كل ه1ه الدنيا وعدت الي هنا .. الي بلدي وانحزت للبحرفور اسقراري بمدينة بورتسودان اعمل هنا نعم ولكن الاجمل انني اظل مقيما هنا ايضا اتنفس واحيأ اتجول وانوم جوار الامواج ..فهنا مصدرتي سعادتي ) ووقتها كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل فاعتذر بانه يود ان ينام ولكن قبلها علينا ان نشرب (شاي بحارقديم ) , وارتشفت ومعي صديقي د.محمد خليل مرافقي كوبا شاي لم اذق مثلهما بعد, ..وعند زيارتي الاخيرة لبورتسودان ابعدت عيني من المكان اذي كان عم قدري يشرح فيه لزوار الساحل مغامرات البحر وعوالمه ..باتت اليوم قطعة بلاط بارد علي الرصيف , فهنا لم يعد عم قدري موجودا ولا عالمه البحري المجنون وترحاله بين المواني ....قلبي يحدثني انه غادر المكان محتجا علي خنق الشاطي باطنان الاسمنت.. افتقدته انا هناك فتري هل تعرف نوارس البحرالاحمر طريقه؟
هناك تعليق واحد:
أخي انور عوض ....
تم بحمدالله عمل جروب في موقع الفيس بوك ليضم كل المدونين السودانين في جميع انحاء العالم بأسم ( كل المدونات السودانيه)
اتمني ان تنضم اليه و يسعدني جد ان تنضم الينا
رابط الجروب http://www.facebook.com/group.php?gid=34192546643
الهدف من الجروب ان نري العالم مدونات السودانين الهادفه لتكون بصمات سودانيه تعبر عن تقافتنا و تقاليدنا و تاريخنا و معالمنا و و
إرسال تعليق